*سكينة منت أحمدُ ول محمد مؤمل: رحيل مُحبَّة للمصطفى صلى الله عليه وسلم*

*سكينة منت أحمدُ ول محمد مؤمل: رحيل مُحبَّة للمصطفى صلى الله عليه وسلم*
رحم الله والدتنا البرة الصالحة سكينة منت احمدو ول محمد مؤمل.
كانت رحمها الله هائمة في حب المصطفى صلى الله عليه شديدة الشوق إلى السكن في طيبة دار المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وملازمة مسجده وزيارة روضته الشريفة.
كأني بها رحمها الله قبل أن يتحقق رجاؤها في آخر عمرها بالسكن في طيبة الطيبة، كانت في غربة بعيدة عن المدينة المنورة ، ولسان حالها ينشد:
أيُّها الرَّاكِبُ المُيَمِّمُ أرْضي
أَقْرِ مِن بعضيَ السَّلامَ لبَعْضي
إنَّ جِسْمي كما عَلِمْتَ بأرْضٍ
وفُؤادي ومالِكيهِ بأرْضِ.
أو لكأنها تتمثل قول الآخر لما جاورت بالمدينة المنورة صادحة بما في شغاف فؤادها من المحبة والشوق إلى الجناب النبوي الطاهر بعد طول انتظار :
أَقُولُ وَلْتَسْمَعِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا
فَسِرُّنَا صَارَ بَعْدَ اليَوْمِ إِعْلاَنَا:
شَغَافُ قَلْبِي لَكُمْ مِلْكٌ أَحِبَّتَنَا
خُذُوا فُؤَادًا كَوَاهُ الشَّوْقُ نِيرَانَا
مَا أَطْيَبَ العَيْشَ إِنْ كُنْتُمْ بِجَانِبِنَا
وَإِنْ نَأَيْتُمْ فَلَنْ نَهْنَا بِدُنْيَانَا
فَكُلُّ وَقْتٍ مَضَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَتِكُمْ
مَا كَانَ مِنْ عُمْرِنَا وَاللهِ مَا كَانَا !
كان مجلسها الطيب لايخلو من ذكره صلى الله عليه وسلم وذكر صحابته الكرام والتعبير عن أغلى أمنيات العمر: الجوار في ما بقي من الحياة، والدفن في البقيع بعد الممات.
أوتيت سكينة صدقا وصفاء روح عجيبين، كانت رحمها الله سريعة التأثر ، فياضة المشاعر غزيرة العبرات حبا وتعلقا بالنبي صلى الله عليه وسلم : أنشدتها مرة قطعة للشيخ محمد المامي في رؤيا له رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، ولما وصلت قوله : (رأيت قبيل الصبح وجه محمد…)، فاضت دموع سكينة الكلفة بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم المشتاقة إلى داره الطيبة، وأمرتني أن أكتب الأبيات.
**قال الشيخ محمدالمامي رحمه الله تعالى:
مبيتي لدى هضب النعام ومرقدي
ولو بت ملقى للندى وموسدي
رأيت قبيل الصبح وجه محمد
وما باح لي ماقد رأيت من الغد
بشاشة وجه لم تر العين مثله
ولم تغن عنه الشمس ذرة مفقد
طلبت لعيني بعده مايسرها فما ظفرت عيني بذاك ولا يدي**
ويشاء ربنا سبحانه كرما منه وجودا أن تتحقق أمنيات سكينة المحبة الصادقة فتجاور المصطفى صلى الله عليه وسلم شهورا قبل وفاتها، وتنال وسام الشرف وأغلى ما تمنته طول عمرها : الدفن في البقيع الطاهر قرب قبر الصحابي الجليل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومن فضل الله وكرمه أنها نالت بركات عظيمة زيادة على ما كانت ترجو ، فقد أسلمت الروح لبارئها ليلة الجمعة الغراء وهي تستعد لزيارة الروضة الشريفة، ونالت عظمة الزمان والمكان معا، فصلى عليها إمام الحرم المدني في ساعة الجمعة
في يوم مشهود تجلى عليها فيه ربها برحمة منه وحسن ختام عظيم يرجوه كل مُحب للمصطفى صلى الله عليه وسلم .
إن يوم الفراق أنحل جسمي …
نحل الله جسم يوم الفراق
لو وجدنا إلى الفراق سبيلا …
لأذقنا الفراق طعم الفراق!
إن العين لتدمع وان القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أماه لمحزونون. ولا نقول إلا ما يحب ربنا ويرضى “انا لله وانا اليه راجعون”.
اللهم ارحم والدتنا الكريمة عذبة الشمائل السخية حسنة الخلق سكينة منت احمدو ول محمد مؤمل وارفع درجتها في عليين وألحقها بالصالحين واحشرها مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم وسع مدخلها واكرم نزلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أكرمها برضوانك والعتق من نيرانك واسكنها فسيح جنانك يا ذا الجلال والإكرام .
كتبه احمد بزيد ول محمد محمد فاظل.
الجمعة 11.10.2024